” استعادت بلادنا السيادة على أراضيها كاملة غير منقوصة، بعد ثورة تحرير عظيمة، وبقدر التضحيات الجسام التي قدمها شعبنا لافتكاك الاستقلال الذي نحتفي هذا الشهر بذكراه الثانية والستين، يحرص أبناء الجزائر شديد الحرص على حفظ أمانة الشهداء الغالية وصون الوديعة التي لا تقدر بثمن، كما أكده رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة وزير الدفاع الوطني، السيد عبد المجيد تبون قائلا: “إن ذكرى استقلالنا الوطني لتبعث فينا الهمة والإدراك لمعنى أن يكون لك وطن بحجم ومكانة الجزائر، هذا الوطن العظيم الذي لم يخذله أبناؤه في أحلك ظروفه، وكلما استدعاهم لمهمة لبوا نداءه، هذا الوطن الذي بث فينا جميعا روح الإقبال عليه والامتثال لأحكامه كلما كان الموعد دقيقا وحاسما لنكون جديرين بالانتماء إليه“.
والذكرى هي أيضا مناسبة يتعين علينا خلالها دائما وأبدا، مثلما أكده السيد الفريق أول السعيد شنڤريحة، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي “ألاّ ننسى حجم التضحيات المقدمة من قبل أولئك الرجال البواسل الذين انتصروا بالنزر اليسير من الإمكانيات، ولكن بالكثير من الإرادة والعزيمة، على إحدى أعتى قوى الاستعمار وأبشعها في التاريخ الحديث، حتى تكون لنا هذه التضحيات نبراسا نستنير به من أجل تحقيق المزيد من الإنجازات التي تروق بجيشنا وبنبل المهام الدستورية العظيمة الموكلة له”.
ونحن نعيش نفحات هذا اليوم الأغر، فإنه ليس من قبيل الصدفة أن يتزامن موعد تخرج دفعات جديدة من مـختلف هياكل التكوين التابعة للجيش الوطني الشعبي، في كل سنة، مع عيد الاستقلال والشباب، باعتبارها مناسبة يجدد فيها جيشنا الباسل، جيلا بعد آخر، العهد الذي قطعه على نفسه بالذود عن الجزائر والدفاع عنها مهما كان الثمن، مثلما يصدح به المتخرجون أثناء ترديدهم القسم بأغلظ الأيمان، بأن يكونوا أوفياء لبلدهم يخلدون تقاليد شهدائنا الأمجاد بكل تفان وإخلاص.
كما دأب جيشنا على تسمية الدفعات المتخرجة بأسماء من وهبوا حياتهم قُربانا لتحيا الجزائر حرة مستقلة، واستبسلوا في سبيل استعادة السيادة الوطنية، وجَعلها تقليدا لتخليد حسن صنيع شهدائنا الأبرار ومجاهدينا، في رسالة واضحة تثبت التواصل ونقل رسالة الأسلاف إلى الشباب لتتوارثها الأجيال المتعاقبة.
ويُضاف هذا التشبث بالقيم الوطنية النبيلة المستلهمة من مبادئ ثورة أول نوفمبر الخالدة، إلى الاهتمام الكبير الذي توليه القيادة العليا للجيش الوطني الشعبي لترقية التكوين وجعله في مستوى التحديات العصرية والتطور المتسارع الذي تعرفه التكنولوجيا، وهو ما يفسر المستوى الرفيع والراقي الذي بلغته قواتنا المسلحة على درب العصرنة والتطوير والاحترافية، والتحكم في منظومات الأسلحة ذات التكنولوجيا العالية وتنفيذ التمارين التكتيكية بمختلف النواحي العسكرية بنجاح واقتدار، وبذلك يثبت أبناء الجيش الوطني الشعبي في كل مرة، أنهم بحق أهل لِحَمل الأمانة التي تركها أسلافهم والدفاع عنها في كل الظروف.
فيا ليت الشهداء يعودون وهم الذين فجروا الثورة ببنادق صيد، ليروا التطور الكبير الذي أحرزه الجيش الوطني الشعبي سليل جيش التحرير الوطني، مثلما عبر عنه السيد رئيس الجمهورية، وليتهم يعودون ليشهدوا ما حققته الجزائر من تطور في بضع سنوات، وليكتشفوا أن إرهاصات العهد الجديد أصبحت واضحة للعيان في مـختلف المجالات وعلى كافة الأصعدة، قاطرتها شباب فُتِحت الأبواب واسعة أمامهم للمساهمة في النهضة الوطنية المنشودة، لا سيما عبر مؤسساتهم الناشئة، في رسالة واضحة مفادها أن الجزائر تراهن على شبابها الغيور على وطنه، وهي كلها ثقة أنه بفضل وعيه وعزيمته وإبداعه، قادر على المضي بالبلاد قُدُما إلى مصاف الدول الصاعدة.
وعليه، وإذ نستحضر هذه الذكرى الغالية، حري بنا جميعا أن نضع نصب أعيننا، ونحن نواجه مـختلف التحديات ونبذل المزيد من الجهود على كل المستويات وفي مـختلف المواقع، التضحيات الجسام التي قدمها أسلافنا الميامين، لكي تحيا الجزائر على الدوام حرة أبية، ينعم شعبها بالاستقلال والسيادة على أرضه، ويبقى شبابها حاملا الجزائر في قلبه، يقظا، حريصا على تقديم كل ما يملك من علم ومعرفة وإبداع لصنع جزائر التميز، قادرا على حفظ إرث الأولين والدفع بجزائر الشهداء إلى مصاف الدول التي يُحسب لها ألف حساب”.