رسالــة رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون بمناسبة الذكرى (67) لتأسيس الإتحاد العام للعمال الجزائريين والذكرى (52) لتأميم المحروقات.
”بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف الـمرسلين..
إحياءً للذكرى الـمزدوجة، لتأسيس الاتحاد العام للعمال الجزائريين (24 فيفري 1956)، وتأميم الـمحروقات (24 فيفري 1971)، نَقِفُ في مثل هذه الـمناسبات عند مواقف وأحداث وطنية تاريخية، تُغذي فينا الإرادة والعزيمة، لـمُواصلة الطريق نحو إقامة الدولة الوطنية القوية بتاريخها وشعبها، وللحفاظ على وحدة صَفِّنا في عالمٍ مضطرب، نُواجه فيه – في هذه الـمرحلة – تداعيات تقلُّبات الأوضاع الإقليمية والدولية الرّاهنة .. وتحدّيات التصدِّي لـمحاولات الاستهداف العدائي لبلادنا.
لقد أَثبتَ الشعب بوعيه الوطني، من خلال مِحْنَتِه سنوات الـمأساة الوطنية، أنَّه يَملِكُ الطَّاقة الـمُوحِّدة، الـمُنبثقة من تاريخِه الـمجيد ومن تلك التجربة الـمريرة، واليوم ونحن نستحضر صورةً من الأمجاد، حين أستنهضَ رجالٌ أبطالٌ الهِمَمَ لتأسيس قلعةِ النضال النقابي بقيادة ثُوَّارٍ أحرار على رأسهم الشهيد عيسات إيدير، فإنه يَتَوجَّبُ علينا التمسك بالسير على خطاهم في معاني التضحية وحبِّ الوطن.
وإنه لَيَجْدُر ونحن نحتفي بهذه الذكرى، أن أتوجَّه بالتحية والتقدير لكلِّ العاملات والعمال، الذين يَتَفَانَوْن في أداءِ عملهم في كُلِّ القطاعات وفي شتَّى الوظائف والـمِهَن، وأَتَرحَّمُ معهم على أرواح شهداء الواجب الوطني، وعلى رأسهم الشهيد عبد الحق بن حمودة، ورفقاؤه من نقابيين وعمال مِمَّنْ غَدَرتْ بهم أيادي الإرهاب الآثمة.
وفي الوقت الذي نَشدُّ فيه على أَيْدي العاملات والعمال الذين تَتَوجَّهُ بهم الجزائر الجديدة إلى عَهْدٍ خالٍ من الفساد والظلم، وكلِّ أشكال الانحرافات من بيروقراطية ورشوة ومحاباة، نُؤكِّد أنَّنا نَستشعر في كلِّ لحظةٍ وحين، العهدَ الذي قطعناه مع شعبنا الأبي لتسخير إمكانياتِ البلاد ومُقدَّراتها الـمادية والبشرية، وتعبئة مؤسسات الدولة من أجلِ تحقيق أهدافنا الاستراتيجية، وفي مقدِّمتِها بِنَاءُ اقتصادٍ عصريٍّ قويٍّ، يقوم على الشَّفَافية والتَّنافسية، ويُطلق الـمبادرات والأفكار لخلق الثروة ومناصب الشغل، مع الحفاظ على الطابع الاجتماعي للدولة، حيثُ عَمِلنا على تعزيزِ هذا الـمبدأ بإجراءاتٍ وتدابير غير مسبوقة، فاسْتحدثْنا منحة البطالة، ورَفَعْنا من مستويات الأجور، ومازلنا نَسهر على حماية القدرة الشرائية من خلال محاربة الـمضاربين، ومُفتعلي النُّدرة، الذين يَتحيَّنُون الفرص لزعزعة الاستقرار الاجتماعي، خاصَّة ونحن على أبوابِ شهر رمضان الـمبارك.
في نفس هذا اليوم، نستعيد ذكرى تأميم الـمحروقات عندما هبَّ الـمهندسون والتقنيون والفنيون لِيُوَاكِبوا ذلك القرار التاريخي، ولِيَكْسِبوا بتحكم فائق رهان الاستمرار في الإنتاج، ويَتَولَّى مَنْ خَلَفَهُم بكفاءة واقتدار الرَّفعَ من قُدرات إنتاج النفط والغاز، التي تَعزّز بها دَوْرُ الجزائر في السُّوقِ البترولية والغازية على الـمستوى الإقليمي والدّولي.
وإنَّنا لعلى يَقين بأنَّ الـمواردَ البشرية عالية الكفاءة، في هذا القطاع الحيوي ستُحدثُ الطَّفرة في مسار التَحوُّلِ نحو الطاقات الجديدة، فبالإضافة إلى ما يُتيحه النفط والغاز لبلادنا من أَفْضَليةٍ في هَرمِ الـمصادر الطاقوية، فإنها تتوفر على إمكانياتٍ هائلة في مجال الطاقة الشمسية، وشَبَكَةٍ كهربائية واسعة، وبُنى تَحْتِية وطنية ودولية لنقل الغاز الطبيعي، ونسيج صناعي، لاسيما ذلك الـمُرتَبط بإنتاج الأمونياك والهيدروجين، وبهذا الصدد فإننا نعكف كما أكَّدنا في الذكرى (51) لتأميم الـمحروقات العام الـماضي، على وضعِ استراتيجيةٍ وطنية لتطوير الهيدروجين بما في ذلك الهيدروجين الأخضر، من أجل تمكين بلادنا من الانْدِمَاج الكامل في الديناميكية العالـمية الـمرتبطة بالانتقال الطَّاقوي والبيئي.. وبالـموازاة مع ذلك يندرج في صُلبِ أولوياتِنا تطويرُ قطاع الـمناجم وتثمين الثروات الـمنجمية باعتباره خيارًا جوهريًا لتنويع صادراتنا خارج الـمحروقات ..
وفي الختام أغتنم هذه الفرصة لأحيِّي كافَّةِ إطارات وعمال قطاع الطاقة والـمناجم، وأُثمِّن الجُهودَ الكبيرةَ لـِمُجَمَّع سوناطراك لـما بَلغَه من مكانةٍ رائدة في ظل التّحوُّلات الطاقوية العالـمية المتسارعة، ولـما يضطلع به من مهام حيوية في مسارِ الانتقال الطاقوي.
تحيا الجزائر
عاشت الجزائر حرة أبية
الـمجد والخلود لشهدائنا الأبرار.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.”