ملفات

محمد الوالي ، عبقرية مدون أو صنيعة مخابراتية !

لا أحد من متابعي موقع التواصل الإجتماعي فيسبوك في الجزائر لم يسمع بالمدون والفيسبوكر الجزائر محمد الوالي والذي ذاع صيته ونجمه خلال الخمس سنوات الأخيرة ، محمد الوالي أو كما يحلو أن يسمي نفسه بالماريشال القط شخصية أثارت لغطا كبيرا وظل رغم وفاته لغزا غامضا يصعب فك شفرته برغم إنتهاء الجدل الذي أثاره ولا زال حول ماهية شخصيته ومصادر معلوماته التي كان ينشرها تباعا على صفحته الفيسبوكية .

ولد محمد الوالي ببلدية حجاج دائرة سيدي لخضر ولاية مستغانم في 30 جانفي 1973 وهي منطقة ريفية ساحلية في غرب البلاد ، أكمل دراسته الإبتدائية فالمتوسط والثانوي ليتخصص في مجال البيولوجيا حيث نال درجة الليسانس فيها وخلال بحثنا لم نجد أن الرجل تحصل على شهادة عليا أكثر من اليسانس بعكس بعض المصارد التي تقول أنه تحصل على الماجستير ، إذ لم يشتغل في منصب نائب عميد الجامعة بل تولى منصب رئيس مصلحة الإيواء والنقل بجامعة مستغانم وذلك بعد فراغه من آداء الخدمة العسكرية سنة 1998 حتى 2001 .

النقطة الفارقة في حياة الرجل كانت بعد توليه هذا المنصب الإداري في الجامعة إذ تقول مصادر أنه وقع في خلاف مع أحد الأساتذة أو إدارة الجامعة ما تسبب في طرده بطريقة تعسفية وهو ما حز في نفسه وترك جرحا لم يندمل حتى يوم وفاته ليقرر بعدها ترك البلاد والهجرة نحو الخارج .

القرار لم يكن سهلا فالرجل معروف عنه حبه لبلدته وأهله غير أن ثمة ظروفا قاهرة جعلت منه يتخذ ذلك القرار الحاسم في حياته لتكن الوجهة لكندا ثم فرنسا ثم بريطانيا ثم قلاسكو باسكتلندا أين فارق الحياة هناك .

إنطلاقته الحقيقية في عالم التدوين على الفيسبوك كان سنة 2010 إذ يروي الناشط السياسي المقيم في فرنسا نور الدين خبابة الذي كان قائما على إذاعة وطني الإلكترونية أنه إتصل بها ذات مرة عبر السكايب في إحدى حصصه المباشرة ليسأل عن العميل كريم مولاي وبعض المعلومات عنه ما أثار شكوك نور الدين خبابة الذي ظنه أحد عناصر المخابرات الجزائرية فلم يعره إنتباها ليتكرر ذات الأمر في نوفمبر سنة 2011 بعد أن أجرى خبابة حوارا مع الضابط حسين هارون فاتصل للمشاركة ومنحه رقم هاتفه وطلب منه مكامته غير أنه لم يفعل ونقتطع هذا الجزء من شهادة خبابة حيث قال : ”

أعاد الاتصال بي محمد الوالي وطلب مني أن أتوسط له للحديث مع شوشان لأن شوشان حسبه لايرد على اتصالاته وأخبرني أنه من المتابعين للحوارات ومنبهر بالمعلومات التي ننشرها وأنه يتعلم … فاقترحت عليه المشاركة معنا فقال لي بأنه غير مفوه ولا يحسن التعبير …ويفضل الاستفادة.
اتصلت بالاخ شوشان وأخبرته بالأمر و…في أحد الايام سنة 2012 اتصل بي زهير سراي وأخبرني أن شخصا يهاجمني على صفحته، بعد حواري مع عبد الحق لعيايدة… 
شن هجوما كاسحا على عبد الحق لعيايدة… في قضية المطار… وتأكدت أن الشخص يمكن أن تكون له علاقات بجهة أمنية أزعجتها الشهادات والحوارات التي كنا نجريها …وتريد هز العلاقة بيني وبين الأخ شوشان.
انقطعت حرارة الاتصال بيني وبين الأخ شوشان بعد أحداث 2011 في الجزائر…

سنة 2014 التقيت بالاخ شوشان في بريطانيا عند اصدار كتاب المصالحة الجزائرية… وبعد سلسلة من الحوارات التي كنت أجريها على اذاعة وطني ألح علي الاخوة الذين كانوا في تواصل معي أن أضع حدا للشائعات والقيل والقال حول منشورات المدعو الوالي الذي ظن بعضهم أنه شوشان وأحيانا أنا…وصراحة فوجئت بوقوف الأخ شوشان معه والدفاع عنه عدة مرات…فاتصلت بالاخ شوشان…ومما قاله لي: ماتديرش عليه…

كان الوالي يمثت الطائفة الفرنكو قبائلية وينعتها بمصطلح الزواف والذي عرف رواجا واستعمالا كبيرا من رواد الفيسبوك خصوصا بعد وفاته ، ولعل تلك العقدة تشكلت في داخله وظل يضمرها لما كان في الجزائر غير أنه سرعان ما هاجر نحو الخارج إلا وأعلن عنها وتمثلت جليا في منشوراته على الفيسبوك التي كانت في مجملها تصب في تلك الخانة .

إعجابه بأفكار شوشان لم يدم طويلا إذ سرعان ما أحدث طيعة بينه وبين كل الإعلاميين الذين كانوا يرتادون قناة المغاربية التي تبث من لندن والتي كان يراها قلعة أخرى من قلاع الزواف ، بعد الصراع الذي ظهر للعيان بين بوتفليقة والفريق محمد مدين لاحظ الجميع وقوف الوالي في صف المؤسسة العسكرية وصقورها كما كان يقول وبعد تصريح سعداني الأخير الذي يعتبر شرارة الحرب بين العسكر والمخابرات كان الوالي يمدح في سعداني والقايد صالح ويتنبأ بمستقبل مشرق للجزائر بعيدا عن الزواف والفرنكوكابيل ومخابرات فرنسا حسب وجهة نظره .

الكثير كان يظنون بان الوالي شخصية وهمية مستعارة غير أن الحقيقة أظهرت عكس ذلك ويوري الإعلامي الجزائري السعيد بن سديرة الذي قرر الخوض والبحث في حياة الرجل بعد وفاته بعد تنقله لاسكتلندا أن الوالي لم يكن إجتماعيا كثيرا ولم يكن معروفا كثيرا بين أوساط الجزائريين المقيميين في غلاسكو الإسكتنلدية غير أن بعض من عايشوه ذكروا أنه كان كثير التدخين ويرتاد المسجد .. ما شد قراءه ومتابعوه هو تبحره في فهم الخارطة الجيوسياسية التي كانت تحكم البلاد وقتئذ فقد كان بارعا في تحليل الأحداث التي كانت تتسارع ما طرح تساؤلات عدة حول مصارد معلوماته ومن كان يزوده بها حتى ظنه الكثير ضابط مخابرات وهو لم يكن كذلك .

في أيامه الأخيرة عرف عنه تشاؤمه وميله أكثر للانعزال ومع اشتداد المرض الذي ألم به والذي أكتشف أنه سرطان المعدة وافتقاره لمن يساعده في محنته لم يجد إلا شقة جزائريين مغتبرين يعيشون في اسكتلندا اللذان ساعداه ومكثا معه قبل أن يفارق الحياة في 13 أوت 2018 بعد رحلة شاقة وغامضة لينقل جثمانه لمسقط رأسه ويدفن فيه في 18 أوت من نفس العام ، لتنتهي بذلك قصة مهندس الوعي كما يحلو لمعجبيه تسميته ويسدل الستار على حياة رجل ظل وسيظل من أغمض المدونين في الجزائر .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى