جنة يعقوبي – محررة بموقع الراصد
ابعتُ التقرير الصادر عن الأمم المتحدة، بعنوان “الوضع الاقتصادي العالمي وآفاقه لسنة 2020″، الصادر هذه السنة عن هيئة الأمم المتحدة. وعند إجراء بعض المقارنات بين بعض البلدان، من خلال مؤشراتٍ أساسية، لَفَت انتباهي أمرٌ بدا لي مُهمًّا: أن المشكلة الأساسية في هذه البلدان أكبر من طبيعة النظام السياسي ومن الانفتاح الديمقراطي، بل هي هيكلية لها علاقة بمنظومات البلد المختلفة، بما فيها الاجتماعية والثقافية والنفسية، وبموقعها التاريخي من منحنى التطوُّر الحضاري، إلى درجة أن قلتُ إنه علينا مراجعة كثير من الأفكار المُسبَّقة، التي تقول إن التغيير السياسي أو الدخول في مرحلة تحوُّل ديمقراطي من شأنه أن يجلب التقدُّم بالضرورة.
البلدان التي اخترتها للمقارنة، هي الجزائر وتونس ومصر، باعتبار أن بها أنظمة سياسية مختلفة، من حيث الأداء السياسي ودرجة التحول الديمقراطي فلاحظتُ أن درجة نمو الناتج المحلي لا علاقة لها بدرجة الحريات كما لاحظتُ أنَّ درجة التضخُّم أيضا لا علاقة لها بطبيعة التحوُّل السياسي نحو الديمقراطية.
ماذا نستنتج؟
نستنتج أن مسائل التنمية والتطور، هي مسائل مُركَّبة، ينبغي عدم تبسيطها وتفادي ربطها بالتحوُّل السياسي الديمقراطي والتعددية الحزبية فقط، بل هي جملة من الشروط الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والنفسية والتاريخية، التي يجب أن تتوفر في المجتمع ليتقدَّم . وعليه، أقول: ينبغي ألا نوهم أنفسنا بأن الإصلاحات السياسية، حتى وإن رضينا عن مسارها، كما في تونس مثلا، ستجلب لنا الرفاهية آليا، بل إن الإصلاح ينبغي أن يكون شاملا، من كرسي المدرسة (العقول) إلى كرسي الرئاسة (السلطة)، وهذا النوع من الإصلاح هو وحده الذي يُمَكِّننا من معرفة طريق الأمل الصحيح، وليس أوهام الديمقراطيات الزائفة.