جنة يعقوبي – محررة بموقع الراصد
من يستمع إلى تصريحات وزير الداخلية كمال بلجود، وهو يعلّق على ما ارتكبه والي وهران من فعل سيّء وغير مقبول إنسانيا ولا إداريا ضدّ أستاذة يوم الدخول المدرسي، سيدرك أن الأزمة أعمق من مجرّد خرجة رسمية غير موفقة، رصدتها الكاميرا فنشرها الفايسبوك، ثم أثارت غضب وانزعاج الرأي العام.
بلجود يدرك تماما أن الدولة صرفت الملايير على دورات تكوين فارغة من أجل تحسين الاتصال السياسي، وفي سبيل استعادة الثقة بين المسؤولين والمواطنين، لكنها في نهاية الأمر، لم تكسب لا هؤلاء ولا أولئك، بل خرجت صفر اليدين وبخسارة كبيرة في الأموال، وللوقت، وبنتيجة واحدة: أنه يصعب ترميم تلك العلاقة بمجرّد دورات تبدأ بتشكُّرات وتنتهي بتوصيات.
الأزمة أعمق من الوالي الذي أخذته العزّة بالمنصب، فأزعجته عبارة “طاولات من وقت الاستعمار”، وحتى من وزير الشباب والرياضة سيد علي خالدي الذي نصح رافضي دسترة بيان نوفمبر بأن “يغيّروا البلد”، والواقع أن كلام هذا الأخير يُذكِّرنا بالنكتة السياسية الشهيرة التي تقول، إنّ حاكما سئم الناسُ من استمراره في منصبه عقودا طويلة فنصحه المقرَّبون منه بالتغيير، فأجابهم متسائلا: “تغيير..؟ لكن من أين آتي بشعبٍ جديد؟!” فالحاكم عموما لا يعرف من التغيير سوى استبدال كل ما هو “تحت” للبقاء أطول مدة ممكنة “فوق”!
لذلك، فإنّ أيّ إصلاح سياسي سيُعدّ مستحيلا طالما لم يبدأ أوَّلا بتوفير إرادة ملموسة في تجديد الطبقة السياسية وبالبحث عن كفاءات حقيقية يمكنها تولي مناصب ذات مسؤولية..
أمرٌ آخر، يجب التوقف حالا عن استغباء الشعب والتعامل مع مثل هذه السلوكيات الفاسدة والتصريحات الخطيرة على أنها أخطاءٌ فردية يمكن تجاوزها باعتذار أو ببيان ، بل يجب تفعيل قاعدة “اللي قال يخلَّص” وبأن يمتد الأمر إلى إحداث ثورةٍ حقيقية في الخطاب السياسي والاستنجاد حالا بالكفاءات التي يمكنها أن تتحدث للشعب بلغته بعيدا عن أيّ وصاية ..